المفكر الجزائري عبدالرزاق مقري: أسطول الصمود فضح "إسرائيل" وحرّك الرأي العام العالمي
الخميس - 16 أكتوبر 2025
- تّجاوَز الإنتماءات العرقية والإيديولوجية وجمع نشطاء من أكثر من 40 دولة
- نجَح في دفع بعض الحكومات الأوروبية للتفاعل الإيجابي والضغط على الاحتلال
- التجربة أثبتت أن غزة ليست بعيدة وأن تكرار المحاولات بكثافة سيكسر الحصار
- مخاطر البحر وطول الرحلة والاعتراض "الإسرائيلي" والسجن كانت أبرز التحديات
- صعود المنصات الرقمية والضغط الشعبي .. عوامل فارقة في تحييد الإعلام الغربي
- الأسطول أثبت قرب غزة من العالم وفتح إمكانية إدخال المساعدات وكسر الحصار
"إنسان للإعلام": حوار- عبدالله الباسل:
في لحظة إنسانية فارقة أعادت وهج التضامن العالمي مع غزة، برز اسم الدكتور عبد الرزاق مقري، الأمين العام لمنتدى العالم الإسلامي للفكر والحضارة، البرلماني الجزائري السابق، ضمن المشاركين في أسطول الصمود 2025، الذي حاول كسر الحصار المفروض على القطاع، فواجه العواصف والتهديدات، لكنه نجح – كما يؤكد – في فضح الاحتلال الصهيوني وتحريك الرأي العام العالمي نحو قضية الإبادة في غزة.
لم يشارك "مقري" هذه المرة بصفته قائداً سياسياً أو منظّراً فكرياً- وقد شارك سابقا في أسطول "مافي مرمرة" عام 2010- بل كمتطوّع عادي اختار أن يخوض التجربة من موقع جديد، وبدافع من شعور عميق بأن معركة "طوفان الأقصى" هي اختبار صدق، ورغبةً في مطابقة أقواله حول التضحية لفلسطين بالفعل على الأرض، إذ لم تكن الرحلة بالنسبة له مجرّد فعل رمزي، بل واجب أخلاقيً.
في هذا الحوار الخاص مع "مركز إنسان للإعلام"، يكشف الدكتور "مقري" عن كواليس الرحلة التي شارك فيها نشطاء من أكثر من 40 دولة من مشارب فكرية ودينية مختلفة، مؤكدا أن القضية الفلسطينية قضية إنسانية عالمية تتجاوز الانتماءات والحدود.
كما يتحدث عن الفارق بين تجربتي "مافي مرمرة" و"أسطول الصمود"، وعن كيف نجحت المبادرة في تحريك الرأي العام الأوروبي، ودفع بعض الحكومات لاتخاذ مواقف أكثر جرأة تجاه الاحتلال "الإسرائيلي"، مؤكداً أن تكرار هذه المبادرات بأساطيل أكبر وأكثر تنظيماً سيكسر الحصار فعلياً، ويعمّق مسار العمل التضامني العالمي مع غزة ومع القضية الفلسطينية.. وإلى نص الحوار:
• بعد سنوات من المشاركة في أسطول الحرية (مافي مرمرة) ، ما هو الدافع الرئيسي الذي جعلك تقرر خوض هذه التجربة مرة أخرى والمشاركة في "أسطول الصمود"؟
في أسطول الحرية عام 2010 كنت أنا المسؤول الأول عن المبادرة في الجزائر، فقد كنت عضو اللجنة الدولية لكسر الحصار وكنت رئيس الوفد الجزائري في الأسطول الذي كان آنذاك أكبر وفد عربي تشكل من 31 عضوا، وأشرفت على جمع الأموال للمساهمة في شراء السفن والمساعدات الإنسانية، وكنت عضو اللجنة التنسيقية على ظهر سفينة "مافي مرمرة".
أما في أسطول الصمود، فقد شاركت كشخص عادي دون أي مساهمة في الإعداد والتنظيم، حيث أشرف على التنظيم والتعبئة وجمع المساعدات شباب بعضهم تلاميذي من أكاديمية جيل الترجيح للتأهيل القيادي، في مقدمتهم الأستاذ مروان بن قطاية رئيس الأكاديمية ورئيس التنسيقية الشعبية والعضو القيادي في الأسطول المغاربي.
والسبب الرئيسي لمشاركتي هو أنني خفت أن أكون ضمن دائرة المقت الذي ذكره الله تعالى في قوله: " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ .كَبُرَ مَقْتًا عِندَ اللَّهِ أَن تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ"، ذلك أنه حين جاء طوفان الأقصى اعتبرته معركة مصيرية تتطلب الانخراط الكامل فيها من قبل قادة وعلماء ومفكري الأمة وساستها بالمستويات الأعلى من الاستطاعة، فرفعت السقف عاليا في دعوة هؤلاء للقيام بالواجب ولمتهم ولمت نفسي كثيرا في اللقاءات الخاصة، وعبر مقالاتي ومساهماتي الإعلامية عن التقصير في ذلك.
ورأيت أن ما نقوم به من أعمال كثيرة في المجالات التعبوية والفكرية والإعلامية والإنسانية لا ترقى إلى المستوى الذي يناسب حجم التحدي وحجم المأساة، فلما أقبلت فرصة المشاركة في أسطول الصمود وجدت نفسي أمام تحدي الانخراط في عمل خطر جدا يعد من الأعمال ذات السقوف العالية التي طالما دعوت إليها غيري، فشعرت بأن الله يمتحنني بأسطول الصمود: هل سأطابق القول بالعمل أم أكون من الذين يقولون ما لا يفعلون؟ وبالرغم من كبر السن والحالة المرضية التي كنت عليها قررت المشاركة، ولو لم أفعل ما استطعت أن أنظر إلى وجهي في المرآة بعد ذلك، ولما قدرت على مواصلة الدعوة إلى مناصرة غزة وفلسطين بمستويات عالية من الهمة والعزيمة، فالحمد لله الذي وفقني للنجاح في هذا الامتحان بتوفيق منه وحده عز وجل.
• ما هي الأهداف المحددة التي سعيتم لتحقيقها من خلال هذه الرحلة؟
الهدف المركزي هو عنوان الأسطول " أسطول الصمود العالمي لكسر الحصار على غزة"، ثم تأتي أهداف أخرى أساسية، وأخرى خادمة.
وحين نقول بأن الهدف المركزي هو كسر الحصار، لا يعني أن هذا الهدف يتحقق من المحاولة الاولى أو الثانية أو الثالثة، ولكن الثبات على المحاولات، والحملة تلو الحملة، والأسطول بعد الأسطول هو الذي يحقق الهدف.
فمثلا هذه المحاولة الأخيرة بيّنت بأن غزة قريبة من العالم، وأنه لو كان في الأسطول مائة سفينة لوصل عدد معتبر منها إلى غزة، لقد رسم أسطول الصمود رواقا مفتوحا يجب تثبيته عبر أساطيل أخرى بسفن أقوى وبعدد أكبر.
أما الأهداف الأساسية الأخرى، ففي مقدمتها قلب العالم ضد الاحتلال "الصهيوني"، وقد تحقق ذلك، ورأينا كيف أن شوارع عدد من المدن الأوربية أغلقت في ليلة اعتراض السفن. ومن الأهداف رفع معنويات أهلنا في غزة بإشعارهم بأنهم ليسوا وحدهم وأن العالم يهتم لمآسيهم، وأن ثمة من أحراره من يركب الخطر من أجلهم.
ومن الأهداف كذلك تشكيل شبكات واسعة من النشطاء من مختلف أنحاء العالم ومختلف المعتقدات والأفكار والتوجهات، يعملون لصالح فلسطين ويساهمون في نشر الوعي بالقضية الفلسطينية في كل وقت في بلدانهم، ومنها الضغط على الحكومات لكي تلتزم بقوانينها للدفاع عن مواطنيها وبالتالي الاهتمام بالأساطيل والسعي للدفاع عن كسر الحصار على غزة والحق الفلسطيتي رسميا، وقد رأينا ذلك في تحرك الحكومات الإيطالية والإسبانية والتركية لمنع إغراق سفن الأسطول من قبل "الصهاينة".
ومن الأهداف إقامة الحجة على المتخاذلين وتحفيز القاعدين ليتحركوا لصالح القضية في هذا المشروع وفي مشاريع أخرى أكثر تأثير وجدية، ومن الأهداف الخدمية اقتناع النشطاء بمواصلة التنسيق ومأسسة مشاريع الأساطيل وتدريب النشطاء وتعميق التعارف بينهم على ما هم عليه من تنوع وثراء.
- ما هي أبرز التحديات أو المخاطر التي كنتم تتوقعونها أو واجهتموها فعليًا خلال رحلة أسطول الصمود؟
واجهنا أربعة تحديات أساسية، هي:
- تحدي البحر: حيث تسبب تأخر انطلاق الأسطول من تونس في تغير الأحوال الجوية، فكانت بداية الرحلة خطيرة وصعبة، رأى فيها الكثيرون أنهم سيلقون حتفهم في البحر قبل تحقيق هدف الوصول إلى غزة، خصوصًا ركاب السفن الصغيرة، علاوة على دوار البحر، وما يتسبب فيه من مرض وإضعاف وإنهاك لأيام عديدة قبل التعود.
- تحدي طول الرحلة: التي كان يتوقع أن تدوم من أسبوع إلى عشرة أيام فقط، فاستمرت شهرًا كاملًا بسبب انتظار السفن لبعضها البعض، ومعالجة عطب بعضها، وانتظار مرور العواصف، وتأمين الرحلة، والتشاور الطويل أثناءها، مما خلق كثيرًا من المشاكل لم تكن في الحسبان، منها نفاد الدواء لدى الكثير من أصحاب الأمراض المزمنة، وطول الاحتكاك وصعوبة الانسجام في مساحات ضيقة في السفن التي كان يتداول فيها الركاب أماكن النوم والراحة ضمن جنسيات ومعتقدات وثقافات وأعراق وطبائع ونفسيات مختلفة، والأشغال المتواصلة لضرورات المعيشة ونظافة المكان والغسيل وغير ذلك، ومنها انتهاء فترة العطل الممنوحة لكثير من النشطاء في وظائفهم في بلدانهم، وانقطاع الأفق أحيانًا، والشك في إمكانية إتمام الرحلة، وما يسبب ذلك من قلق وتوتر.
- تحدي الاعتراض والعدوان على السفن: من الجيش الصهيوني، وما يترتب عليه من مخاطر على الحياة بسبب استفزازات الجنود الصهاينة، وعبر محاولات إغراق السفن بخراطيم المياه لتوقيفها، ومسؤولية اتخاذ قرار مواصلة التقدم أم التوقف بين قبطان السفينة والنشطاء، ومدى التزام الجميع بعدم الاشتباك مع الجنود المعتدين كما ينص عليه البروتوكول، وما سببه ذلك من خلافات بين النشطاء في بعض السفن.
- تحدي السجن: وما فيه من الانقطاع عن العالم كليا ، والحرمان من الالتقاء بالمحامين، وعدم معرفة المصير، وخشونة السجانين "الصهاينة" وما قاموا به من ضرب بعض النشطاء، وأخذ الأدوية الشخصية من الجميع وحرمان المرضى من العلاج، والصراخ والضرب على الأبواب، وتغيير الزنزانات لمنع الناس من النوم، والإهانة والاحتقار والشتم وسرقة الأغراض
- هل تغيرت طبيعة المخاطر مقارنةً بالرحلة السابقة في 2010؟
لا شك أن الضريبة في أسطول الحرية عام 2010 كانت كبيرة، باستشهاد عشرة نشطاء من الأتراك، ولكن أسطول الصمود عام 2025 كان أكثر مشقة على المشاركين بكثير، إذ كانت الرحلة الأولى سريعة وسهلة إلى غاية اعتراض سفينة مرمرة.
- إذا كان هناك رسالة واحدة موجّهة إلى شعوب العالم، ورسالة أخرى إلى صناع القرار في الغرب، فماذا تقول لهم بعد هذه الرحلة؟
في الحقيقة شعوب العالم هم من وجه إلينا الرسالة، فقد رأينا في هذا الأسطول كيف وزع الله مكارم الأخلاق بين المسلمين وغير المسلمين، لقد رأينا إصرار أحرار العالم على الاستمرار في الرحلة حين توقفت السفن لمدة يومين وليلتين في عرض البحر قريبا من اليونان للتشاور هل نستمر أم لا أمام خطرين تم رصدهما من المنظمين، وهما خطورة عواصف كبيرة في الطريق وارتفاع احتمال إغراق بعض السفن من "الصهاينة"، حيث سمح بالتراجع لمن يريد ذلك مع الوعد بتغطية أخلاقية من المسؤولين عن السفن، فلم ينزل إلى اليابسة سوى 10 نصفهم مرضى من 490، وقال بعض النشطاء من أحرار العالم في تلك اللحظة: " نحن مستعدون للموت ولو لإيصال علبة حليب لأهل غزة".
فالرسالة لنا ولهم هي الاستمرار في تشكيل وإرسال الأساطيل إلى أن يُكسر الحصار، والرسالة إلى صناع القرار في الغرب بأن أساطيل كسر الحصار صنعت تيارا شعبيا سيكون له أثر متصاعد في الرأي العام الغربي، وأن حكومات ستسقطها هذه التيارات في الانتخابات وأن المساهمة في دعم هذه السفن واجب إنساني ثم هو مصلحة انتخابية للشخصيات والأحزاب، وقد فهمت رئيسة وزراء إيطاليا ذلك جيدا.
- ما هي أبرز أوجه التشابه والاختلاف بين مافي مرمرة 2010 وأسطول الصمود 2025 من حيث التكوين، والتنظيم، وردود الفعل الدولية؟
رغم مرور خمسة عشر عاماً بين أسطول الحرية 2010 وأسطول الصمود 2025، فإن الهدف ظل واحداً: كسر الحصار المفروض على غزة، والتأكيد على أن الضمير الإنساني ما زال حيًّا في كل أنحاء العالم.
غير أن التجربتين، رغم تشابههما في الغاية، اختلفتا كثيراً في التفاصيل والظروف والتنظيم،
فقد تميز أسطول الصمود بحجم المشاركة وعدد السفن، إذ بلغ عددها خمسين سفينة واصل منها 43 الرحلة بعد الأعطال، في مواجهة غير مسبوقة استغرقت 14 ساعة من محاولات السيطرة من قبل الجيش الصهيوني، مقارنةً بثماني سفن فقط في أسطول الحرية الذي سيطر عليه الاحتلال "الإسرائيلي" بسرعة.
كما اختلف حجم المشاركين؛ إذ ضم الأسطول الأول أكثر من 700 ناشط، بينما شارك في الأسطول الأخير نحو 490 متضامناً.
ومن حيث الرمزية، اشتهر أسطول الحرية بسفينة مافي مرمرة التي شهدت الاعتداء الدموي على النشطاء الأتراك، بينما كانت سفن أسطول الصمود أصغر حجماً وأكثر عدداً، كما تراجع حضور الشخصيات السياسية والدينية والإعلامية البارزة في الأسطول الأخير، رغم اتساع قاعدة الدول المشاركة لتشمل 42 دولة مقابل 38 دولة في التجربة الأولى.
اللافت أيضاً أن مشاركة النشطاء العرب والمسلمين كانت أوفر في أسطول الحرية، بينما غلب على أسطول الصمود الطابع الدولي بمشاركة أوسع من غير العرب والمسلمين، مع حضور مغاربي لافت من الجزائر وتونس، وغياب نسبي لوفود المشرق العربي.
كما تراجعت مشاركة التيار الإسلامي في الإعداد والتنظيم، ما انعكس على تنوع المشاركين وطرق التنسيق بينهم.
أما من الناحية التنظيمية، فكانت تجربة أسطول الحرية أكثر انضباطاً وسرعة في اتخاذ القرار بفضل وحدة القيادة بقيادة منظمة (IHH) التركية، في حين واجه أسطول الصمود تحديات التشاور الطويل وتعدد الجهات المنظمة، مما أبطأ القرار وأثار بعض الخلافات.
كما تميزت الرحلتان باختلاف الظروف الطبيعية؛ فأسطول الحرية أبحر في شهر مايو وسط أجواء مستقرة، بينما انطلق أسطول الصمود في سبتمبر في ظل اضطرابات بحرية زادت من المخاطر والتحديات.
واستغرقت رحلة الصمود أكثر من شهر بين الإعداد والإبحار والسجن، مقابل أسبوع واحد فقط لرحلة أسطول الحرية.
ورغم هذه الفوارق الكبيرة، فإن التجربتين تلتقيان في هدف واحد ورسالة واحدة: أن الحصار لا يمكن أن يصبح قدراً دائماً، وأن إرادة الأحرار أقوى من القيود.
- بعد مرور هذه السنوات، كيف تقيّم أثر رحلة "مافي مرمرة" على الوعي العالمي بقضية الحصار؟ وما هي الدروس المستفادة منها التي طبّقتموها في الرحلة الأخيرة؟
لاشك أن أسطول الحرية ساهم كثيرًا في رفع مستوى الوعي العالمي، وفتح الطريق لمحاولات عديدة أخرى بعده، ولكنه تسبب كذلك في تضييق كبير من قبل الحكومات لمنع محاولات أخرى.
ومن أثر ذلك منع انطلاق أسطول الحرية 2 عام 2011 الذي كان من المفترض أن ينطلق من اليونان، وتخريب بعض سفنه في الموانئ اليونانية، مما اضطرنا إلى تهريب سفينة كبيرة عربية كنا من المساهمين فيها.
وعليه، فإن العمل يجب أن يتجه دوماً نحو رفع مستوى الوعي الشعبي، والضغط على الحكومات لتحقيق استمرار قوافل كسر الحصار.
- شاركت في الأسطول الأول في سياق انتهى إلى ما انتهى إليه، والآن تغير السياق مع حرب الإبادة على غزة، فكيف أثّر الأسطول الأخير على الدعم الشعبي للقضية وعلى مواقف الدول والحكومات؟
وقع تأثير متبادل بين"أسطول الصمود" والأوضاع الأخيرة المتعلقة بالحرب في غزة على النحو التالي:
- الإبادة في غزة أعطت شرعية عالية لأسطول الصمود وتعاطفًا كبيرًا ومتابعة قياسية لدى الرأي العام العالمي.
- التفاعل الشعبي الكبير في الدول الأوروبية بعد اعتراض السفن ساهم في سرعة إطلاق سراح النشطاء، خلافًا لما كان يريده المجرم "بن غفير".
- أسطول الصمود أثّر بالزخم الذي صنعه في تخفيف العزلة التي كادت تصنعها خطة ترامب حول المقاومة، من حيث توجيه الرأي العام إلى إدانة الاعتداء "الصهيوني" على السفن، ومن حيث إظهار عزلة الكيان "الإسرائيلي" عالميًا، مما أكد ما قاله ترامب لنتنياهو بأنه لن يستطيع مواجهة العالم كله.
- كيف تقيّم مستوى تغطية الإعلام العربي لرحلة أسطول الصمود؟ وهل كان هذا الإعلام على مستوى الحدث من حيث كسر الرواية "الإسرائيلية" المضادة؟
للأسف الشديد، الإعلام العربي تحت سيطرة الأنظمة الاستبدادية، وتبعًا لذلك لم يُثمن أسطول الصمود.
وباعتبار أن الأسطول فعل شعبي لا تتحكم فيه الأنظمة، فهم ينظرون إليه كفعل سياسي معارض لهم، وليس عملًا نضاليًا لكسر الحصار على غزة ولصالح القضية الفلسطينية.
- هل لاحظتم تحولًا في تعامل الإعلام الغربي مع محاولات كسر الحصار، مقارنة بعام 2010؟ وكيف كان التعامل الإعلامي مع محاولات تشويه الرسالة الإنسانية للأسطول؟
في عام 2010 كان الإعلام التقليدي هو الأساس، وقد ساهم كثيرًا في فضح العدوان "الصهيوني" وإبراز القضية الفلسطينية وقسوة الحصار.
أما في أسطول الصمود، فالإعلام الجديد ووسائل التواصل الاجتماعي كانت صاحبة الحضور الأوسع والتأثير الأكبر، إذ عوّضت انحياز الإعلام الغربي التقليدي لصالح الكيان "الإسرائيلي" بعد 7 أكتوبر.
- إلى أي مدى تعتقد أن أسطول الصمود نجح في إحداث ثغرة حقيقية أو تغيير في آليات الحصار المفروض على غزة حاليًا؟
من أهم نتائج أسطول الصمود إظهار أن غزة قريبة من العالم، فقد أحدث إرباكًا كبيرًا "للصهاينة"، لأن عدم قدرتهم على إغراق السفن لوجود سفن بحرية إيطالية وإسبانية وتركية قرب القافلة، ومسيرات هذه الدول في سماء ساحة العمليات، جعلهم يتجهون إلى السيطرة على سفن أسطول الصمود واحدة تلو الأخرى.
ولعدم امتثال السفن لنداءات جيشهم بتوقيفها، امتدت العملية العسكرية إلى 14 ساعة، ووصلت بعض السفن إلى مشارف سواحل غزة، ورآها بعض الغزاويين عن بعد، بمعنى أنه لو كانت مائة سفينة، لوصل عدد معتبر منها قطعًا إلى غزة.
وهذا يفتح المجال لقوافل أخرى بعدد أكبر من السفن وبعزيمة أقوى لدى النشطاء، وهذا التحول قرأه "الإسرائيليون" وقرأته أمريكا، وساهم في التوجه نحو إدخال المساعدات بعد وقف إطلاق النار.
- بعد وقف الحرب، هل تخططون لرحلة قادمة لإدخال المساعدات والمشاركة في إعادة الإعمار؟
ما دام الحصار موجودًا، وما دامت الاحتياجات الإنسانية لأهلنا في غزة قائمة، تبقى قوافل كسر الحصار وقوافل المساعدات مطلوبة عبر البر والبحر والجو من كل أنحاء العالم.