"الفقيه": تركيا لن تتخلى عن المعارضين المصريين وستكتفي بخطوط حمراء

الاثنين - 22 مارس 2021

تحت عنوان "أضواء على التقارب التركي المصري"، كتبت إحسان الفقيه مقالا في "القدس العربي" جاء فيه: "التقارب التركي المصري، حدث الساعة وحديثها، استولى على حيّز كبير من الاهتمام والتداول والتناول لأسباب، منها: أنه أعقب فترة من التوتر بلغت حد الحديث عن سيناريو الحرب المرتقبة، بعد سنوات من الحرب الباردة بين النظامين. ومنها: مصير آلاف المعارضين المصريين الذين فتحت لهم تركيا الأبواب، ووفرت لهم المناخ الآمن لممارسة أنشطتهم في معارضة نظام السيسي، الذي ألجأهم إلى العيش في المنفى، فأصبح الحديث الدائر في الوقت الراهن عن مدى القبول بهم، في ظل توجه القيادة السياسية للتقارب مع النظام المصري. ومنها: الاهتمام السخي بتقييم موقف أردوغان – الذي اتجه إلى التهدئة – وفق أخلاقيات السياسة التي اشتهر بها، بعد أن عارض الانقلاب على الرئيس المنتخب محمد مرسي، وصعّد من لهجته المناوئة للنظام الانقلابي، سواء كان هذا التقييم من قِبل مؤيدي أردوغان أو خصومه.

الحديث عن ردة أخلاقية للقيادة التركية ضرب من الجهل السياسي، فالنظام التركي يدير بلاده كسائر الدول الديمقراطية، على مبدأ تحقيق المصالح وهذا قطعا لا يعيب أي نظام حاكم، بل على العكس من ذلك، فآفة معظم أنظمتنا العربية أنها لا تراعي مصالح شعوبها وأمنها القومي في سياساتها الخارجية، بل تتمحور سياساتها حول الاحتفاظ بالسلطة أطول فترة ممكنة.

لقد كان هذا التقارب آتيا لا محالة، لأن المعارضة المصرية منذ احتضان تركيا لها وحتى اليوم، لم تنجح في صنع ثقل سياسي مكافئ للنظام يمكن أن يعيد إلى مصر موجتها التحررية التي بدأت منذ ثورة يناير/كانون الثاني، في المقابل فإن الكلفة على تركيا كبيرة لا تتحملها الطاولة السياسية، فهناك معارضة قوية في الداخل التركي دائمة الرفض لسياسة أردوغان في التعامل مع النظام المصري، في وقت تحتاج الإدارة التركية إلى تقليص الجبهات، ومواجهة التحديات التي برزت في شرق المتوسط

لا أعتقد أن تركيا ستلجأ إلى التخلي عن احتواء المعارضين المصريين، أو تقوم بترحيلهم أو تسليمهم، وأنها ستقتصر على وضع الخطوط الحمر التي لا تتجاوزها المعارضة، وتحرج على إثرها الدولة التركية، وتضمن لها في الوقت نفسه ممارسة قدر مناسب من الأنشطة المعارضة، لأنه في تقديري لن تأخذ العلاقة شكل التحالف الاستراتيجي الكامل، فتركيا تكرّس لعلاقة ناضجة تقوم على التركيز على المتوافق عليه، فهي دولة عانت كثيرا من الانقلابات، وتأخذ ذلك في الحسبان لدى رسم سياساتها الخارجية، ولن تدخل في علاقة تماهٍ تام مع نظام انقلابي لدولة أخرى، إضافة إلى هذا، فإن تركيا لن تتخلى ببساطة عن مواقفها الأخلاقية التي أكسبتها تعاطفا وتأييدا كبيرين من الجماهير العربية والإسلامية، التي قدمت نموذجا جديدا في الدمج بين تحقيق المصالح ومراعاة المبادئ ما أمكن"

المصدر    "القدس العربي"